shimery.com
New Page 1
 
shimery.com



سفارة اليمن بمصر


المكتبة

درر النحور  
إبداع 
2000 

درر النحو الجزء الاول
الحمد لله رضا نفسه، والصلاة والسلام على أفصح العرب خير خلقه سيدنا محمد وآله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان.
أما بعد:
في ذات يوم كنت أصغي إلى بعض الألحان، في مراع أحلامي، ومرابع اليفاعة من أيام صباي في بلاد شَمِير، إحدى بوادي لواء تعز من اليمن الميمون حماه الله، فلامس سمعي لحن عازف مشب بصوت غنائي طروب، على طريقة المديح ينساب في الآكام انسياب النسيم عن حدائق الريحان، مازلت أذكر من كلماته:

صن محياك بالنقاب وإلا ________________________
فمن الغبن أن يماط لثام ________________________
عجبًا منك تحت برقعك النا ________________________

 

نهبته القلوب والأبصار ________________________
عن ثناياك أو يحل إزار ________________________
ر وفيه الجنات والأنهار ________________________


فانسبكت هذه الألفاظ العذبة في خلدي انسباك العقد في نحور الخرائد، فطفقت أرددها قبل أن أعلم صاحبها ، ومضت بنا السنون تنهب غضارتنا، وتدرجت بنا السبل حتى أوصلتنا إلى حُبِّ التخصص في مجال الأدب العربي، وفي رحابه أنخنا الرحال، وحططنا الأحمال.
وآلت بنا معارف اللغة إلى تلك الأبيات، وكأنَّ لي بلقائها موعدًا وكم حرصت على معرفة صاحبها وأدبه، وطالما تمنيت ذلك، حتى قرأت كتاب: "شعر الغناء الصنعاني " وكانت المفاجأة الكبرى أني ظفرت بالقصيدة فيه وباسم صاحبها. وهنا قلت كما قيل قديمًا "إن غرس التمني قد أثمر، وليل الحظ قد أقمر" . وما انفك لساني يبوح بإعجابي الشديد بهذا الشعر، حتى قرأت: سلسلة تاريخ الأدب العربي للدكتور (شوقي ضيف) وقد أثنى – وهو مؤرخ العصر للأدب العربي – على الشاعر وشعره، ومنه وجدتني أقترب من عرش (ابن هتيمل) رويدًا رويدًا.
ولما قرأت تاريخ أدب الدولة الرسولية من كتاب: حياة الأدب اليمني في عصر بني رسول زاد هيامي وغرامي بهذا الشاعر وشعره. وكنت قد أبحت شغفي صديقًا أديبًا فوهبني صورة مختارات من ديوان الشاعر مطبوعة وشكا – في رسالته إلي – ما فيها من إساءة تنبو عن قواعد الاختيار، وبتر وتبديل ألفاظ، وتحريف بجراءة لم يسلكها ناقد. إلا أنني وجدت الأستاذ (العقيلي) قد أحسن إليَّ بإلقائه بعض الضوء على جوانب من حياة الشاعر؛ فكان قبسًا على الطريق.
وكثيرًا ما راودتني فكرة تحقيق هذا الديوان وشرحه ودراسته؛ ليكون أطروحتي لنيل درجة الماجستير، غير أن سعة الديوان ووعورة مسالكه وانتشار نسخه في مكتبات العالم – حالت دون ذلك . وعاودتني الفكرة عندما عزمت على التقدم لنيل درجة الدكتوراه، فلم أجد أفضل من تحقيقه وشرحه موضوعًا لأطروحتي حتى أحقق الحلم الذي طالما راودني، والأمل الذي كثيرًا ما ألح عليَّ. وقد ساعدني على اختيار تحقيق وشرح هذا الديوان أمور أربعة:
الأول: المتعة الجمالية في شعر ابن هتيمل، وحلاوة ألفاظه ورقتها، وسمو أدبه.
الثاني: اللغة الفصحى المتينة في قصائده، مع قدرته الفائقة على المواربة، والمراوحة، وروعة السبك، وقرب اللفظ، وبعد المعنى، فاعتبرت نشري لديوانه سندًا للعربية، وجزءًا من خطة الحفاظ عليها.
الثالث: لأشارك في دحض قول القائلين بشبهة عصر الانحطاط الأدبي، والركود الإبداعي في عصر الشاعر، خاصة في اليمن.
الرابع: حبي – الذي نشأت عليه – لبعض من أحبهم الشاعر وهم الصالحون من (آل محمد) صلى الله عليه وسلم وأصحابه أجمعين دون غلو فيهم، ولا انتقاص لغيرهم.
فاستعنت الله وقمت بالعمل حتى حقق الله ذلك الحلم، وأنجز هذا الأمل. راجيًا أن أكون قد وفقت في أداء واجب التحقيق، وإثبات الحق في إظهار هذا الديوان مطابقًا لنص مؤلفه.
وحسب الباحث من قًرّاءِ هذا الديوان إدراك ما بذله من وُكدٍ وكَدٌ في جمع نسخه من الشرق والغرب، والسندِ والهندِ، وَجَوبِ الأقطار والأمصار، ووصل الليل والنهار، والغوص في بُطون المعاجم واللغة والبيان والأدب، والتاريخ، والنقد، ودواوين الشعراء، وعرض الألفاظ المعجمية على القواميس، والمصطلحات، وإبانة غواض الحِكَم والأمثال، ودراسة فنية وموضوعية فهو ديوان مملوءٌ بفنون شتى من العلوم السانيةَ، والدينية، والعقدية، وعُلوم الكون، والإنسان، تاريخًا ووجدانًا، فعساني أكون قد وفقت في خدمة آداب اللغة العربية والفن.
ولا يسع الباحث بعد أن بذل جهده في إخراج هذا الديوان محققًا مشروحًا – إلا أن يعترف بأنه لم يصل إلى أعماق المعاني وبواطن الألفاظ – وكان يود – إلا أنه أبحر في لجيٍّ لا شاطئ له وخرج ناجيًا من الغرق، بعد أن كشف ما في أعماقه من لآلئ، وجواهر، وصدف. وحسبه أن يقدم شعرًا غنائيًا عذبًا فتن به شعراء عصره، وحاكاه وعارضه وأشاد به عدد كبير من الشعراء والنقاد على مدى سبعة قرون. راجيًا من الله مثوبته ومغفرته وهو حسبنا ونعم الوكيل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين دكتور/ عبد الولي بن عبد الوارث بن فرحان الشميري اليمني عفا الله عنه ووالديه والمسلمين

 
  رجوع 
shimery.com
مقالات | ألبوم الصور | مؤتمرات | لقاءات صحفية | نشاط ثقافي
لمراسلة موقع السفير راسلنا علي
info@shemiry.com