shimery.com
New Page 1
 
shimery.com



سفارة اليمن بمصر


مقابلات تلفزيونيه                     

تفاصيل المقابلة
برنامج حديث الذكريات  إجتماعية 
   

**س: إسمك آخره الشميري فهل هذا ينتسب إلى بلده شمير؟
جـ: الشمير في اليمن، والمحافظة الغربية الجنوبية إسمها (شمير) وهي جزء من محافظة (تعز) من الجمهورية اليمنية ومحافظة (تعز) هي المحافظة المتوسطة أو العاصمة الثالثة لليمن من حيث الموقع أو الجمال، وهي الأولى كثافة على مستوى اليمن، فشمير هذه مسقط رأسي، وهي بلدتي التي نشأت فيها، وإليها أنسب إسم الشميري.
**س: أعطنا فكرة عن بلدة شمير باليمن؟
جـ: هذه بلدةً مكلاً بالجبال العالية، وتقع بين تهامة اليمن قريبة من السفح الساحلي، وهي بداية سلسلة جبال الثروات المرتفعة، فيها من الجبال السامقة العالية التي تعلو رؤوسها على سفح البحر بأكثر من 2000 أو 2500 متر، ودائماً في الصباح الباكر ترين السحاب، تصنع الغمام على رؤوس الجبال، وتقبل الغمام رؤوس هذه الجبال، والسحب تمطر على هذه الجبال، وفيها مدرجات زراعية جميلة، أشجار خضراء، ومراعي الأغنام والماشية، وفيها بيوتاً جميلةً منحوتةً في الصخر تربط على أكتاف الجبال قرى صغيرة منتشرة بألوان مختلفة، هذه قرية بيضاء، وهذه قرية لبنية اللون، ويعتمد أهل هذا الريف الشميري على الرعي والزراعة، فيها من المزارع الريفية التي تزرع حبات القمح، وفيها الماشية، ومعظم أبناء هذه المنطقة أيضاً يعتمدون على المهاجر والاغتراب، ومعظمهم يغتربون في الماضي في المملكة المتحدة البريطانية، ولهم أحياء بكاملها في مدينة (برمنجهام) البريطانية (كاردف وجافيل) وفي أحياء كثيرة من مناطق بريطانيا، لذلك كان التعليم في هذه القرى مبكراً بحكم الرحلات والتنقل إلى بلاد بريطانيا، وأيضاً كثيراً منهم قطن مدينة (عدن) في الاستعمار البريطاني ودرسوا وتعلموا في مدارسها، وهو ريف ميال إلى التدين، وتعشق المدرسة التصوفية، فالنساء والرجال والأطفال يرددون قصائد الشعر الفصيح المادحة الغزلية التي يرددها المتصوف مدح الرسول صلى الله عليه وسلم وفي التشوق في مكة والكعبة، حتى النساء يحفظن القصائد، ومن تلك قصائد (عمر بن الفارس, ابن الوردي, ابن النسور المصري, عبد الرحيم البرعي اليمني) فكنا نحفظ من ألسنتهم الشعر والغزل والمديح منذ الصبا والطفولة.
**س: أنت يا سيادة السفير نشأت في البقعة الجميلة جداً من بلاد العرب، أنت تصور لنا كما لو كنت مصور بريشتك تصور لنا قطعة من الجمال، جمال الطبيعة وجمال الإنسان؟
جـ: تخيل الآن الدمع حنيناً إلى ماضي الطفولة في تلك الأرياف وفي تلك البلاد الجميلة التي هي عبارة عن مراجع طفولتي وصباي، ومعاني أحلام الصبا، إضافة إلى أنها كانت تحتفل أو تهتم بتعاليم الأطفال في شكل كتاب يعلمهم القراءة والكتابة وهجاء الحروف، يحفظهم الشعر ويعلمهم الأدب مع الأم والأب ومع الجيران والمجتمع، يعلمهم كل مكارم الأخلاق، فتلك هي جزء من مكونات شخصيتي، وهي جزء من مسيرة حياتي التي أحن إليها حنين فكذا .
**س: إذن أنت تربيت ونشأت على الثقافة والأصول والأخلاق العربية الأصيلة في هذه البلدة شمير من محافظة تعز وظللت فيها منذ الصبا حتى كبرت؟
جـ: حقيقةً كنت فيها أيام صباي وتلقيت فيها معارف البدايات، تعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن ودراسة ما أمكن من كتب الثقافة العربية والنحو والصرف والبيان وشئ من أمور الدين ثم بعد ذلك عندما بدأت وللأسف أبلغ وتجاوزت من اليافعة وبدأت مرحلة المراهقة كان أبي غائباً عن بلده في المهجر البريطاني في مدينة (برمنجهام) فكتب رسالة إلى أمي ليحثها إلى أن ترحلني إلى مدينة العلم اليمنية (زييد) وهي مدينة على غرار المدن الأزهرية في مصر فيها العلماء القدامى شيوخ العلم، وبالتالي فهم يعلمون الناس العلم حلاقة الذقن المستديرة بين الطلبة يدرسونهم مفهوماً معيناً، وهي اليوم تدرس في الأزهر الشريف وتدرس في كثير من المدارس العلمية من كتب اللغة والنحو والفقه والآداب والأخلاق والإجتماعيات، ومع ذلك تزامنت مع هذه الدراسة وكانت أول مدرسة في (زبيد) المعهد الديني أو المعهد العلمي ومدرسة عراقية إسمها مدرسة البصرة، وكنا في وسط النهار ندرس فيها دراسات نووية وفي المساء وبعد الظهيرة ندرس في حلقة العلماء كما هي في دار الأزهر، وكنا نخرج إلى هذه المدينة (زبيد) حتى لا يعتبر الناس هذا الانسان متعلماً أو مثقفاً ما لم يتتلمذ على أيدي هؤلاء المدرسين في مدينة (زبيد).
**س: هل هذه كانت أول غربة لك وابتعاد عن الأسرة؟ جـ: كانت أول غربة لي وأنا بعد العاشرة وكنت مع أطفال من عمري. **س: وهل كنت في مدرسة داخلية أم كيف كنت تعيش؟
جـ: كنا نعيش حياة شبيهة بالأربطة، فكان لنا في غرفة وكنا 14 طالباً وكلنا في أعمار متقاربة كان أكبرنا عمره 15 عاماً، فكنا نعتمد على أننا نطبخ طعامنا بأيدينا، ونغسل ملابسنا بأيدينا، وكنا نصلي جماعة في المسجد، ونذهب إلى ما شاء العلماء بكتبنا وكنا نجلد كتبنا بأيدينا.
**س: هذه فرصة لكي تثقل الشخصية بالتجربة والمعرفة والاعتماد على النفس، غير أن الشاب الصغير يكون معتمد على أهله وأسرته؟
جـ: هو في الحقيقة أنها جميلة جداً ومرحلة فعلاً تحمل الإنسان مسؤوليته وهو صغير بس في الأشهر الأولى منها تكون صعبة جداً، خاصة إني كنت أنام في حضن أمي حتى بلغت العاشرة من عمري، وكانت أمي تدللني لأن أبي كان في المهجر، وأنا صغيرها ووحيدها من الصغار، كانت مهتمة بي اهتمام كبير وفجأة أجد نفسي ومطلوب مني أن أغسل ثوبي، وأطبخ طعامي، وأن أكنس الغرفة التي أنام فيها في دوري، وأن أرتب ملابسي، وأرتب سريري، وأخرج إلى السوق لأجلب مشتريات الطعام والشراب، وأنا في عمراً صغيراً، أولاً في البداية صدمت بالحزن الشديد، والعاطفة الشديدة، فكنت أشتاق لأمي شوقاً شديداً حتى كنت في الليل - إذ أستحي أن أبكي أمام الآخرين - كنت إذا آويت إلى فراشي وتذكرت أمي هطل الدمع على خدي، ثم بعد ذلك تعودت على هذه الحياة وأصبحت أحس أنها حياة الرجولة، حياة ولا بد أن تكون حياة الرجال هكذا، وكان أساتذتنا يشجعونا تشجيعًا كبيراً، ويقولون لنا أنتم الآن تعيشون حياة الرجال، وحياة المستقبل، وإن لم يكن الإنسان نافعاً لنفسه فلن يكون نافعاً لغيره، فكانوا يُرَوِّدونا على هذه السلوكيات، وكنا نتعاون فيما بيننا حتى من ضمن الأخلاقيات التي كنا نتعلمها، فأنا الآن أكنس غرفتنا الجماعية إذا كانت في يوم أحد الزملاء أذهب وأساعده وأخر يذهب ليأخذ أداء الكنس من يدري ليبادر هو، تعاون وإيثار والطبخ يوم أطبخ ويوم نطبخ مجموعة ويوم مجموعة أخرى، وكنا نتنافس على الطبخ والكنس وغسل الملابس وهكذا تربت فينا روح الحب والمودة والإيثار، ليس هناك أذى ولا أنانية ولا إستأثار بالراحة وهكذا حتى كان يفضل كل واحداً منا واحداً منا أن يقوم بحفظه من كأس الشاي أخر من يشرب حتى إذا لم يبقى له يحس بالراحة النفسية، أنه أثار الآخرين عليه فأدب أن لا يسبق الآخرين هكذا كنا في الصبا نعمل.
**س: ظللت في هذه المدينة العلمية والأدبية مدينة (زبيد) إلى أي فترة؟
جـ: قضيت فيها فترة حوالي 4 سنوات مع مرحلة الدراسة الإعدادية وفي نفس الوقت كانت الدراسة الحكومية صعبة جداً، لأن المدارس كان عددها في اليمن ضئيل جداً بعد الثورة اليمنية، وكانت المناهج مصرية وعراقية، والمدارس قليلة جداً، والأطفال يتزاحمون، وعدد الطلبة في الفصل الواحد أكثر من 200 شخص، فكانت الظروف مملة داخل المدارس وكنا نراها من التكاليف الصعبة التي يصعب، والحمد لله مرت الأمور على خير بعد ذلك انتقلت إلى مدينة (تعز) وهي مدينة حضارية أكثر، والجو فيها معتدل بينما (زبيد) درجة الحرارة فيها تعدي 40 درجة وأكثر في الصيف، وبعد أن انتقلنا إلى (تعز) سكنت في بيت عمي واحتضنني بحنان الأبوة، وزاملت طلاب نظاميين في مدارس، وأكملت دراستي في مدينة (تعز) وهي عبارة عن مراحل الثانوية.
**س: لكنك عملت قبل أن تحصل على الدكتوراه والماجستير؟
جـ: بعد الثانوية مباشرةًً إنتقلت إلى مدينة (الحديدة)، وفي مدينة (الحديدة) عملت مُدرساً كخدمة إلزامية بعد الثانوية، لأن اليمن كان ليس فيها مدرسين إلا مصريين، أو عراقيين، وليس فيها مدرس يمني، واليمنيون الذين كانوا مدرسين من أوائل الثورة استلموا الأعمال الإدارية، فكنا المتخرجين من الثانوية نذهب إلى التدريس مباشرةًً في المدارس كأمر تكليفي، وأنا ذهبت لأدرس وإستحليت العمل بالتدريس، وبدأت وإستمريت وتجاوزت السنة الإلزامية ثم سنة ثم سنة عملت أربع سنين، لكن في هذه الأربع سنوات ذهبت وكان من الصعب علينا في اليمن أن ندرس في الجامعة، بل كانت الجامعة لاتوجد في اليمن، بل كان يوجد واحدة في صنعاء وصعب الرحيل والأنتقال إليها والتفرغ إليها من المناطق النائية والبعيدة، فكانت أقرب لنا مدينة (أبها) في (السعودية) في (عسير) فكنت أعمل مدرساً في الحديدة وأذهب إلى (أبها) في جامعة الإمام محمد بن سعود، أسجل في الجامعة وأدرس فيها أشهراً ثم أعود إلى عملي ثم في أيام الاختبارات أذهب إلى (أبها)، وكانت (أبها) بالنسبة لنا في مسافة تستوي مع (صنعاء) بل سهولة التنقل كانت أكثر بكثير، ودرست ليسانس لغة عربية، وبعدها أحسست أني قطعت مرحلة تدريس في (الحديدة)، ومرحلة الليسانس في اللغة العربية، ثم بعد ذلك وجدت نفسي مضطراً إلى الدخول في السلك العسكري.
**س: وهذه نقلة بعيدة بين التدريس والأدب العربي والسلك العسكري؟
جـ: إنها حقاً بعيدة، ولكنها كانت متطلبات مرحلة ضرورية، أولاً كان لا يوجد لدينا خدمة إلزامية في الجيش، فأنا عند تخرجي من الثانوية فلما تخرجت من الجامعة ألزمتني مرحلة إلزام خدمة في الجيش، فأنا لم أستطع أن أتوظف مع الحكومة وأواصل دراسة في الجيش فدخلت في السلك العسكري مباشرةً، ودخولي في السلك العسكري كان سنة كاملة فاستحليت المجال لأني وجدت معظم من معي في الجيش خريجين جامعات.
**س: يبدو أن حضرتك تحب عملك جداً وتتقنه جداً لدرجة أن أي عمل تدخله تحبه وتعشقه؟
جـ: أنا أحب عملي وأعشق الزملاء، فقررت الإستمرار وتدرجت حتى أصبحت عميداً في السلك العسكري، وهكذا هذه المراحل نقلتني إليها ظروف، وأرتوي إلى أي عمل يضعني الله فيه وأقتنع به وأستمر فيه.
**س: من معرفتي بك وبسيرتك الذاتية أستطيع أن أستشف أنك إنسان تعشق الاهتمامات العامة، والشأن العام، وخدمة من حولك من الثقافة للوطن لدرجة أنك أنخبت عدة مرات في مجلس الشعب، ومجلس الشورى اليمني وهو طالما الدستور وهذا الإنتخاب لا يأتي إلا بمحبة الناس نظراً لخدماتك لهم؟
جـ: الفضل بعد الله سبحانه وتعالى يأتي إلى النشأة، فأنا عندما تخرجت في السلك العسكري برتبة ضابط كانت اليمن تشهد معركة صراع بين معسكر الغرب ومعسكر الشرق، الإتحاد السوفييتي كان بمنهجه الماركسي في أوجه وقوته يريد أن يكون اليمن شمالاً وجنوباً موطناً قديم وحدود إستراتيجية لنفوذه، بينما كان الغرب بقيادة حلف الناتو كان مستميتاً لأن تظل اليمن كما هي، جنوبية تحت وطأت الاتحاد السوفيتي، وتظل الشمالية نقطة تماس غير معادية للناتو على الأقل، فكان الصراع شديد، وكانت اليمن عبارة عن منطقة مشتعلة فيها الأحزاب تتناصر، فيها تدفق من الشرق ومن الغرب، فيها الصراع، فيها سيطرات على القرى وعلى المناطق، والتهبت المناطق إلتهاباً شديداً، فأنا كُلفت بالعمل في منطقة شمير للحفاظ على الأمن فيها بعد أن سقطت أجزاء كثيرة من مناطق بلاد (شعب, العدي, أوصاب) ومناطق كثيرة سقطت بأيدي الجبهة (الميسكلان) المطلقة على نفسها الجبهة الوطنية، وهي ذات مد إشتراكي ماركسي مدعومة من الإتحاد السوفييتي ولا يتبناها نظام، وفي جنوب اليمن في مكان يسمى اليمن الجنوبي ويدعمها أثيوبيا لأنها كانت في نفس الإتجاه الماركسي، فلما دخلت المنطقة وجدت نفسي قائداً عسكرياً في قوم نشأت فيهم وألفوني طفلاً صغيراً فيما بينهم، فأولاً تألفت الناس ووجدته وقلت الآن هو مجال ليس مجال الضربة كما يقال بيد من حديد وإبداء الروح الجنرالية بل أين مردود الثقافة التي درسناها وتعلمناها؟ فأول ما بدأت أفكر فيه وجدت المنطقة محرومة من الخدمات، لا توجد مدارس، البيوت معلقة في أطراف الجبال، ليس لها طرق، المياه لا توجد، الرعاية الصحية لا توجد، الأطفال محرومين من الصحة والرعاية والنظافة، فقلت إذن علينا أن نعطي للناس صورة جميلة عن قضية المسئول والقائد فيها، لكي نؤدي شيئاً من الواجب نحوهم، ونسقط الواجب عن أعناقنا أمامهم لنريهم كيف يحكم هذا المواطن ويتحول إلى مواطن صالح، ويحمي نفسه من المهد الإنحرافي إلى أي تيار، وليس لي أي إمكانيات، فذهبت لأجند الجيش الذي أقوده لنعمل بأيدينا لشق الطرق وليشارك في إيجاد مشاريع المياه، في أن نتعاون في بناء المدارس وكان واحداً من أبناء المعسكر يقابل ثلاثة أو خمسة من أبناء القرى يعملون بأيديهم ويكون أول من يستيقظ الناس على رؤيته يكون القائد (عبد الولي الشميري) فيتبادر الناس معه، فقالوا إذن جاء لخدمتنا، فكان الناس يتعاملون معي ونادوني بالقائد وما كانوا يعرفون إسمي، وحتى الآن ظلوا ينادوني بالقائد فكنت أصغرهم سناً، ولكنهم كانوا يحترمونني جداً، وأحس أني كل ما خدمتهم وتواضعت لهم أزددت قرباً إلى قلوبهم، فكانوا يأتمرون ويسمعون ويطيعون وخاصة عندما وجدوا أن المدارس غزت قراهم في قمم الجبال والطرق أصبحت السيارات تصل إلى قمم الجبال، بدأت الوحدات الصحية تنتشر، أبنائهم ذهبوا إلى المدارس، وبدأ الأطباء يصلوا إلى المنطقة، فأحسوا أن هذه الروح العسكرية كأنها روح خدمية وليست عبارة عن سلطة وتمارس القوة، فالناس إنضموا إليها بقلوبهم وأعناقهم، فلما أعلنت بداية مراحل الديمقراطية وإنشاء مجلس نواب بالإنتخاب كنت لا أرغب في أن أدخل هذا، ولم أرشح نفسي، وفجأة وجدت أحد الأصدقاء كتب أسمي مرشحاً وملأ لي الإستمارة، وأبلغت ليلة الإنتخابات أن أسمك نزل على قائمة المرشحين ذهبت لأسحب إسمي قال أغلق باب الإنسحاب.
لأني أحببت الناس في القرى وفي الأرياف وأحبوني ومارست ميولاً ثقافية، فدخلت البيوت وإكتشفت مخطوطات قديمة فنقبت عنها والكتب التي كانت يدخرها الآباء الأقدمين في الأرياف وبخطوط جميلة القصائد فالناس ألقوا بأكبادهم وأولادهم للتآزر معي، فنشأت حركة ثقافية وتربوية وتعليمية في المنطقة بفضل الله ثم بمجهودنا في هذا المعسكر، وبالتالي أستطيع أن أقول إن لم تكن هناك دائرة من دوائر الإنتخابات في اليمن قدمت مرشحاً كما قدمتني دائرتي الإنتخابية التي كان عدد الناخبين مائة وخمسين ألف ناخب وكنت أكثر المنتخبين أصواتاً في البرلمان في هذه الدورة، وأقول أن هذه الإنتخابات لم تكن معتمدة على تجارات حزبية ولا على أحزاب إنما كانت على حب ومودة.
**س: أنت أيضاً أكملت دراستك حتى حصلت على الدكتوراه في بلاد متعددة أخذت بعثة من بريطانيا ومصر؟
جـ: بعد أن خرجت من منطقتي وتحررت للعمل النيابي في البرلمان فوجئت أن عمل البرلمان عملاً غير ضاغطاً، نعمل أسبوعين ونتوقف أسبوعين وإجازات كثيرة، ودورات برلمانية متباعدة، إعتبرتها فرصة وذهبت لأسجل مباشرةً لدراسات الماجستير، وسجلت الماجستير، وواصلت الدراسة فيه، وفي خلال سنتين حصلت على درجة الماجستير في الأدب المقارن، وفي نفس الوقت إعتبرتها فرصة وذهبت لأخذ بعض الدبلومات في (أكسفورد) في (بريطانيا) ومن هنا وجدت أني محتاج جداً أني بعد حصولي على الماجستيرر وبعض الدبلومات في (أكسفورد) وإنتهت الفترة النيابية وكان مجلس النواب محتاج إلى إعادة إنتخاب، وطبعاً أنا إنحزت إنحياز كلي إلى مواصلة دراستي الأكاديمية والحصول على رسالة الدكتوراه، فخرجت إلى (القاهرة) وسجلت في دار العلوم مرحلة شهادة الدكتوراه، ثم بعد ذلك فوجئت أنه أعيد إنتخابي مره أخرى في مجلس الشعب في أوائل فجر الوحدة اليمنية في عام 1990م، ونوديت للعودة إلى اليمن فلبيت وعدت مرة أخرى، ولكن وجدت أيضاً أن أمامي فرصة للتحرك بين البلدين فترة بقائي في مجلس الشعب مع تحضيري لرسالة الدكتوراه، وكانت في الأدب العربي في تحقيق وعرض وتحليل مخطوطة من الشعر العربي في القرون الوسطى، في القرن الثاني عشر الميلادي والسابع الهجري حول قضية، فحققت هذه المخطوطة نادرة الوجود وأصدرتها في ثلاث مجلات مع دراسة عرض وتحليل وتشرفت رسالتي للدكتوراه بتقديم وإشراف د/ شوقي ضيف رئيس مجمع اللغة العربية في (القاهرة) وإشراف د/ ولاء جبر ود/ حسين الشافعي في دار العلوم وطبعت ونزلت في الأسواق في ثلاث مجلات، وبالتالي وجدت أني في حاجة ماسة إلى الإنحياز التام لعمل بعيد عن السلك العسكري، وأن أعود إلى هوايات البدايات من ثقافة وأدب وشعر وبالتالي دخلت المرحلة الثانية.
**س: نحن نريد أن نتحدث عن الجانب الآخر من حياة د/ عبد الولي الشميري فأنت أسست مؤسسة ثقافية أدبية بصنعاء وهي مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب وأيضا في (مصر) أسست منتدى المثقف العربي وكونت مكتبتين كبيرتين في صنعاء ومصر فهذا عمل ثقافي كبير مكلف جهداً ومادياً ولم تبخل بالجهد أو بالمال على إقامة هذه المؤسسات الثقافية، ونحن في الحقيقة نسعد عندما نرى أفراد يتبنون الثقافة العربية كما كانت في الماضي ويعطون من أموالهم وثقافتهم ووقتهم الكثير وبالعكس ندعوا كل مثقف وكل ثري عربي مثقف أن يرعى مؤسسات ثقافية حتى تنشط الثقافة العربية وتزدهر مرة أخرى؟
جـ: في الحقيقة ملحوظاتك دقيقة جداً وأنا أشكرك على هذه اللفتات الجميلة. أنا في الحقيقة عندما قررت الإنحياز إلى السلك الثقافي وعزمت على ذلك وأنشأت مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب في صنعاء وبدأت في عملية اللائحة الداخلية، وتشكيلاتها الوظيفية، وأفكارها، ومناهجها، وبعدها مباشرةً ومنذ أن بدأت أنطلق فوجئت بقرار جمهوري بتعييني محافظ لمحافظة (مأرب) ودخلت السلك الإداري فذهبت كمحافظ لمحافظة مأرب ولكن جسمي في مأرب وعيني على مؤسسة الإبداع، وكنت أعمل في مأرب عملاً مجهداً نهاراً وأتابع في المساء ماذا صنعت مؤسسة الإبداع وماذا أنجزت حتى تمكنا والحمد لله من إيجاد مؤسسة مثالية تبحث في قضايا التراث وتحقيق المخطوطات وخدمة الباحثين وتلميع الشعراء المأجورين، وأيضاً تبني المواهب الجديدة والشابة، فطبعاً اطمأننت على أنها كانت وما تزال تسير، ووفرت الآليات العملية والهيكل الإداري الذي يعمل في حضوري أو في غيابي، في حياتي أو موتي، وفي نفس الوقت حاولت أن أرتب لها أرضاً وأن أبني عليها مبنى وأكتب عليه وقفية أنها أرضاً وقفاً لمؤسسة الإبداع لايمتلك ولا يورث، وعملت على تأسيسها ثم علي إيجاد مكتبة فيها، وكنت أمتلك أنا عشرات الآلاف من الكتب الشخصية في المنزل، فأوقفتها ونقلتها إلى المكتبة ثم عملت على أن أستورد لها كل ما أتيحت لي فرصة مالية معينة، أو ظروف مواتية أشتري الآلاف من الكتب من كل معارض الكتب فأضحة في هذه المكتبة.
**س: بدلاً من أن تشتري منزل في الريف أو على شاطئ بحر أو على جبل تشتري كتباً وتفتح مكتبات هذه هي الملذات بالفعل؟
جـ: قضيت ثلاثة سنين في مأرب محافظاً ولكن فيما بعد وجدت نفسي مضطر إلى أن أصارح قيادتي إلى إنحيازي التام والتفرغ التام للكتاب والقلم وأن ميولاً يبرح على مشاعري إلى أن أنفر من الجوانب الشعرية والثقافية والأدبية وأزعم أني كاتب ومبدع وشاعر وأحس أن في مواهب معينة لابد وأن أبرزها فلا أظل أعمل في جوانب غيري يتقنها أفضل مني وجوانب أنا أتقنها وأحرم منها بسبب مشاغل الإدارة والسياسة فقررت الإنسحاب من محافظة مأرب عن طواعية والإنسحاب من الأعمال الأخرى عن طواعية ورغبة ذاتية ثم بعد ذلك عندما عدت إلى صنعاء وبدأت أرتب أوراق مؤسسة الإبداع ترتيباً صحيحاً وبدأنا في التفكير لموسوعة أعلام العرب من خلال مؤسسة الإبداع وبدأنا ننشأ لها أفكارها والباحثين ونعد المراجع والطرق والأساليب وبدأت المسيرة تنطلق جيداً وعملنا في هذا المشوار كثيراً في موسوعة أعلام العرب.
**س: يوجد كثير من موسوعات أعلام العرب ولكن بماذا تتميز هذه الموسوعة التي أنت بصدد إصدارها بعد أن تكتمل بإذن الله؟
ج: الموسوعات كثيرة بس من موسوعة يمتلك أي كاتب أن يقع على أي كتاب أراد ولكن كما قال الشاعر : وكلاً يبدأ الوصل بليلى وليلى لم تقر بذاك سكبت دموع في جفون تبين من بكى ممن تباكى من قرأ هذه الموسوعة وأطلع على ما فيها يستطيع أن يقارن بينها وغيرها من الموسوعات، والموسوعات الأخرى عبرت الزمن في كتب التواريخ وفي المعاصر تركز على نوعيتين من المجتمع إما الحكام السياسيين وأما على العلماء في مجالات الدين وربما اللغة لكن لا تكتب عن كل علم معلوم في قومه بأي صفة من صفات، المهم العلم عندي هو من كان معلوم في قومه وفي مجتمعه بأي صفة من الصفات سواء كان علمًا بارزًا يعرفه الناس بأنه علم في هذا المجال ويقصدونه في مجاله فمن أي مجالات الإبداع فمنهم النجارين والخطاطين والفنانين والأدباء والشعراء والرحالة والصحفيين وأصحاب الأقلام المؤلفين والنحاتين، كلاً أعتبرهم أنا أعلام حتى أعلام الزراعة وأعلام الفن المعماري في أنحاء الوطن العربي قطراً قطراً، هذا عمل تقوم به وزارات ولذلك تريين بين عيني دموراً بسبب السهر الكثير وعلى وجهي بسبب ما أعانيه من صرف وقت كثير أنفقه في المتابعة والجهد والسهر والعناء لكل صغيرة وكبيرة، وإن كاد يكون كل قطر غرفة أو شعبة أو مراجع تتابع كل أعلامه طبعاً ما أصعب ذلك، ليس من صعوبة أكثر من أن توجد عالم معدوماً تماماً، مثلا أزور أي قطر من أقطار العروبة أجد قلعة قديمة مكتوب عليها أو منحوتاً عليها هذه بناها فلان فأكتب إسم المعماري فلان وأكتب مكان القلعة وإن قدرت أكتب مكان إنشأها والزمن ثم أنام وأغوص في عصر الملك والسلطان في هذا العصر ثم أعود بعد ذلك أتتبع القلاع والمباني أو المساجد أو المتاحف التي بنيت فأبرز هذا البناء المعماري وأحدد عصر من دون أن أعرف تاريخ ميلاده ولا وفاته ولا قرنه ولا شئ أربطه بالفكرة الزمنية التي بنيت فيها القلعة أو هذا العصر الذي فيها الملك أو السلطان الفلاني.
**س: هذا عمل شاق لأننا نعرف تماماً أننا في بلادنا العربية لنا قمم وخصوصاً في الماضي، الإحصائيات والتوثيق والمعلومات التي يسهل علينا أسترجعها فهذا عمل شاق ومعك فريق كبير؟
جـ: إنه عمل شاق ولكن لابد منه، مثلاً أجد مصاحف مكتوب عليها كتبه الخطاط فلان الفلاني، أبحث في كل الموسوعات لا أجد له إسماً ولا ترجمة وهذا كاتب وخطاط وخطة أجمل من مطابع اليوم ومن الكمبيوتر وكتب الكثير فلماذا لا يكتب في أعلام الخطاطين، لا أجد من الخطاطين أحد بينما كانت العصور القديمة مثلا في عصر الإسلام مكتوب (معاوية بن أبي سفيان, عمرو بن العاص, عثمان بن عفان) من كتاب الوحي، كانوا يكتبون لكن في العصور التالية كان تحسن الخط وتجمل وأصبحوا لا يؤرخون إلا السلطان ومن حوله أو العلماء في أمور فقط فموسوعتي أعتقد أنها أكثر.
**س: كم عنوان في الموسوعة؟
جـ: الآن أنا وصلت إلى 22 ألف علم، وأعتقد أن مثلاً مصر كتاب الأعلام (لخير الدين الزلاكلي) وهي أفضل موسوعة حتى اليوم موجودة ومطبوعة ومتداولة أعطى مصر من الأعلام عدد لا يزيد في هذه الموسوعة عن حوالي 1090 علم، أنا من خلال هذا المجهود في أعلام مصر وصلت إلى حوالي 6000 علم منهم هذا العد الموجود في الموسوعة مع بعض أقطار لا يوجد لهم أربع أو خمس أعلام أكبر قطر عربي محتل في هذه الموسوعة لكن ما ذكر في هذه الموسوعة من المصريين لا يساوي واحد في المائة من أعلام مصر الحقيقية وناهيك عن قضية اليوم وإستخدام الإلكترونيات، لم تعد القضية موسوعة تكتبها وخلاص أو ترتبها أبجدياً، يعني موسوعتنا تتميز بما لم يسبق من قبل وهو أن تبحثي عن الإسم من خلال بحث إسمه أو الإسم الأول تجدي كل أصحاب هذا الإسم أو قرنه أو مجال عمله ثلاث تخصصات إذا هو خطاط أو إعلامي أو مؤلف إمسكي أي تخصص من أي هذه التخصصات وأكتبه في البحث يأتي لك مع المجموعة أو من قرية أو من قطر أو المركز أو إسم كتاب من كتبه فأنا لا أكتب عن علم أكتب عن كتاب كتابه دقيقة مكان مولده الهجري والميلادي ثانياً إذا لم أجد أذكر إطاره الزمني القرن ثم بعد ذلك أذكر تاريخ الوفاة وإن كان حياَ أتركه مفتوح وأذكر عملية الكتب كتب مثلاً كتاب كذا وأكتب وقد طبع كتاب كذا في دار كذا أو أنه مخطوط أقول المخطوط في مكان كذا في مكتبه (السوربون) في إيطاليا في الكونجرس في دار الكتب المدرسية أذكر المخطوطة وأتتبعها في أي مكان من وسائل الإنترنت في فهارس المكتبات في فهارس المراجع أكثر من سبعة آلاف كتاب مرجع في هذا الموضوع فكل بحث يريد أن يخط مخطوطة لا يحتاج أن يسأل أين هي يذكر إسم الكتاب وسيجد كشاف في أي مكان توجد هذه المخطوطات قبل أن تطبع وقبل أن تحقق.
**س: إنه عمل هام جداً وجبار وسوف يسهل دراسات الدارسين ويسهلها بشكل كبير جداً وسوف يكون تاريخ للعقل العربي؟
جـ: أنا قصدت لخدمة الباحثين وللتسهيل على الباحثين لأني كنت أعاني وأنا أحضر رسالة الدكتوراه معاناة شديدة في هذا المجال.
**س: معك فريق من الباحثين شباب يعمل في هذه الموسوعة طبعاً؟
ج: عندي في مكتبي في القاهرة في المهندسين مكتبة للباحثين وفريق يعمل فيها في خدمة أعلام العرب وفي ما يخص القطر اليمني ففي مؤسسة الإبداع والعمل فيها جارٍ على قدم وساق وإضافة إلى عملي كسفيراً للجمهورية اليمنية بجامعة الدول العربية فأنا أحاول أن أجمع بين عملي في السلك الدبلوماسي وبين نشاطي الثقافي في موسوعة أعلام العرب.
**س: ذكرت أنك فتحت مكتبتين واحده في القاهرة والثانية في صنعاء هل هم مفتوحين وأين هم؟
جـ: مفتوحين بإستمرار، الأولى في القاهرة في منطقة المهندسين في شارع أحمد عرابي وهي مفتوحة من الساعة التاسعة صباحاً حتى التاسعة مساءاً لأي باحث أراد، والتي في صنعاء في مبنى مؤسسة الإبداع والثقافة والفنون.
**س: مع كل هذه النشاطات أسست منتدى ثقافي عربي وهو منتدى المثقف العربي ويعقد مرة في الشهر؟
ج: عندما فوجئت بقرار تعييني مندوب لدى الجامعة العربية وسفيراً في وزارة الخارجية أخذت وودعت مؤسسة الإبداع في صنعاء وخرجت إلى القاهرة فلما استوطنتها وجدت أني في خجل وهائجاً من الشعراء والأدباء والمثقفين والمبدعين وأهل الفن والبلاغة فقلت لابد وأن أوجد في هذه المنطقة ملعباً لهواياتي يعوضني عما فقدته في مؤسسة الإبداع وطموحي الثقافي في اليمن وظللت أتوصل مع مؤسسة الإبداع وعيني على إنشاء صالون أدبي ثقافي يجمعني أو يكون جسر تواصل مع المثقفين في القاهرة الكبرى العاصمة المحورية للعروبة بشكل عام، تناديت مع كوكبة من المثقفين والصحفيين ورجال الإعلام وأعطيتهم الفكرة فرحبوا بها أيما ترحيب ووجدت أن كثيرين من الناس لهم شهوات ينفقون على شهواتهم أغلى ما يملكون فأنا قلت شهوتي والحمد لله في المجال الثقافي والإبداعي ورعاية المثقفين والمبدعين فلماذا لا أصب كل إهتماماتي في هذا المجال والإنسان ينفق على هواياته أكثر مما ينفق على ضروريات حياته وبيته، فإتجهت إلى هذا المجال وساعدني أيضاً موقفي وموقعي من الدبلوماسية العربية في القاهرة للإحتكاك بكل شرائح المجتمع المصري والعربي المقيم فيها، فأنشأنا منتدى المثقف العربي وهو يقام في الأحد الأول من كل شهر مساءاً مره واحدة يحضره ما لا يقل عن 400 شخصية من كبار الشخصيات والمتخصصين والإعلاميين والمثقفين والدبلوماسيين والمقيمين في القاهرة من شتى الأقطار، وتتنوع المواضيع والمحاور في كل ندوة، ويتنوع المتحدثون، ويتنوع الجمهور، بالإضافة أنه أكبر صالون ثقافي وأدبي اليوم على مستوى العالم.
المذيع: فأنا حضرت المنتدى أكثر من مرة وأرى القاعة ممتلئة ومن الممكن أن يكون هناك بعض المدعوين لا يجد مكان ليجلس فيه.
الدكتور: نعم أنت الأن ذكرتيني بموقف أني أرى شخصية هامة واقفة وأنا أنظر وأريد مكان لكي أجلسها ولا أجد كرسي لها فأكون في حرج شديد وأتحمل العقاب بعد الخروج من القاعة ولكن القاعة لا تأخذ أكثر من 400 كرسي فمن وصل مبكراً فهو الذي يفوز بالمقعد وعن هذا المنتدى بدأت تصدر مجلة المثقف العربي واليوم هي في عدد 20 تقريباً وهي مجلة شهرية ثقافية – شعرية – أدبية - بحثية تصدر في كل شهر في القاهرة.
**س: أنا أريد معذرة أن أسألك سؤال وأنا أعلم أنه سؤال شخصي ولكن أنت وأسرتك لا تتحدث عن هذا المال الذي تصرفه في هذه المجالات وأنا أعلم أنه مال كثير جداً فلا يقول لك أحد أن أنت وأسرتك أولى بهذا المال؟
جـ: أصدقك القول أني كثيراً ما أتعرض للتأنيب والعتاب الشديد من الأقارب والأهل والزوجات والمحبين والأولاد وخاصةً عندما يروني في أحياناً في حاجة ماسة إلى هذا المال بل يرونني أستدين للإنفاق على هذا النشاط حتى لا يتجمد أو يتوقف فيلوموني ويقولون أنت تحمل أعباء مؤسسات وأعباء وزارة وأعباء لا تخصك ولكن أنا شخصياً أحس بلذة ومتعة جداً عندما أنفق على هذا العمل في الظروف التي تكون قاسية جداً وأحس أنني هنا مارست وخدمت هواياتي وأنا أحبها وأديت رسالة أنا أعشقها وأجد أني متفانٍ في سبيل المحبوب واللوم والعتب لا يكاد يكف وبإستمرار وأنا أقاوم اللوم والعتب.
**س: أنا أقدر ما تقوم به أنت وغيرك من مثل هذه الأعمال والإنفاق من مالها على هذه الأعمال والمصلحة العامة في أي مجال وبذلك المجتمعات تتقدم وتستنير لأن الحكومات يكفيها ما لديها من أعباء كبيرة ولكن أبناء الوطن الذين منَ الله عليهم ببعض من المال والمعرفة فليتقدموا الصفوف وينهضوا بمجتمعهم؟
جـ: أريد أن أقول أنك وضعتي أصابعك على موضوع الجرح كما يقال، أنا شخصياً يلومني أي أحد وخاصةً عندما تكون ظروفي قاسية وصعبة أتذكر القائل: "دعيني أنا وما لا ينال من العلا وصعب العلا في الصعب والسهل في السهل تريدين إدراك المهال رخيصاً ولا بدون الشهد من إبر النحل". خاطبني أحدهم وكان رجلاً ثرياً أنت فيك من صفات المجانين صفة الإنفاق على ما لا يفيد، هذه الثقافة وهذه الكتب التي تطبعوها والموسوعة التي تعدها والمجلة التي تصدرها فأنت تصرف الأمور في غير محلها حقيقياً أنا لم أتحرج في الرد عليه ولكن أتحرج في الرد في بيتي عند زوجتي عند أبنائي وخاصةً عندما تكون ظروفهم غير مشجعة، لكن مع هذا لم أترك الرد عليه وذكرت له كلام قلت له أنا حضرت حفل زواج إبنتك في فندق كم أنفقت على هذا الحفل طبعاً رأيت بزخ شديد في حفل لم أره من قبل وإنفاق يقدره الناس أنه يفوق ما أنفقه على هذا المنتدى لمدة 5 أو 6 سنين في حفلة واحدة، فقلت له كم أنفقت على هذا الحفل في ليلة واحدة، ولم يقل الناس أنه زوج إبنته بملغ كذا وأقام لها حفلة كذا وحضرها فلان وهي حفل عشاء سواء كانت في سبع نجوم أو نجمة ستنسى بعد أسبوع أو شهر ولن يتحدث الناس عنها وسيموت الإنسان ومن تزوج ومن أنجب ومن أكل ومن شرب لكن لن يبقى لك شيء، لكن ما أعمله عملاً باهر على مدار الحياة والتاريخ فما أنفقته أنا على هذه الثقافة كما هو لا يساوي شيئاً في ما تنفقه أنت على مثل هذه الحفلة لكن أنا شهوتي في هذا المجال وأنت شهوتك في هذا المجال وآخرون يذهبون في بلدان أخرى ينفقون في المسارح والمجالس التي لا تعود عليهم بشئ ينفقون أغلى وأكثر مما يملكون ولا تعود عليهم بشئ ولا تعود على أسرهم وأمتهم وأهلهم وبلدهم بشئ فهؤلاء ينفقون على شهوتهم فلكل واحد منا شهوته.
**س: أعتقد أنك عندما تنفق في كل هذه المجالات هذا يرضيك كإنسان وأيضاً يرجع بالنفع على مجتمعك أعتقد أن هذا عمل صالح ويرضي الضمير؟
جـ: والنفس تستوطن هذا العمل فتعتز به وترى أن لا تقر العين إلا به.
**س: نحن أيضاً لا نجد أن أسرتك تضار بقليل من التوازن؟
جـ: تعودوا معي على كل شئ فأصبحوا يشاركوني العمل ويشاركوني الجهد والهم فلهم دعائي، وأصبحوا يقدرون طموحي ولهم الفضل على أمنيتي أن تنهض الثقافة والعلم وإسمحي لي من صوت العرب أن أشيد لهذا الإبراز الجيد في دور الثقافة العربية ومن يرعونها من خلال هذه القناة الرائعة، وإسمحي لي أن أتوجه بالدعوة إلى رجال الأعمال والقادرين أن ينفقوا شيئاً من أموالهم إلى أن طريق الخلود وطريق الخدمة والمجتمع والأديان وهذا الطريق طريق الثقافة طريق إحياء اللغة والعلم وأن تنصرف إنصراف صحيح إلى السبيل الذي يفيد الأمة وأرجو من يسع ندائي يستفيد به.
المحاورة:أمينة صبري

 
    رجوع 

shimery.com
مقالات | ألبوم الصور | مؤتمرات | لقاءات صحفية | نشاط ثقافي
لمراسلة موقع السفير راسلنا علي
info@shemiry.com