شهدت خيمة الفكر والابداع الرابعة التي نظمتها أخيرا جمعية فاس سايس للتنمية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية تحت شعار «اللغة والشعر» وفاء «لروح الخليل بن أحمد الفراهيدي»، بمشاركة مجموعة كبيرة من الشعراء والنقاد والباحثين العرب، نقاشا واسعا حول نسب الخليل بن أحمد الفراهيدي صاحب أول معجم للغة العربية «العين» وواضع علم العروض، إذ اعتبره العمانيون عمانيا واليمنيون يمنيا، وكان ينقص أن يعتبره المغاربة مغربيا.

وكانت أغلب المداخلات عبارة عن سرد تاريخي للروايات حول الفراهيدي، وحول اكتشافه لعلم العروض واستفادته من الثقافة الفارسية والهندية. وبالترافق مع ذلك، دعا المشاركون على ضرورة الاهتمام باللغة العربية وتصحيحها من الأخطاء والشوائب، بالعودة الى الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي يعد نموذجا مهما في الاشتغال على اللغة. وما قدمه في الدراسات المعجمية واللغوية لا يقل أهمية عما قدمه في العروض. وفي هذا الاطار ذكرت الشاعرة المغربية لويزا بولبرس منسقة «خيمة الفكر والابداع» لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الخيمة الرمزية «جاءت لتسليط الضوء على مجهودات الخليل في جميع المجالات، لأن الخليل لم يكن لغويا فحسب بل كان منطقيا وشاعرا وموسيقيا ورياضيا، اجتمعت فيه مجموعة من الصفات العلمية التي قل نظيرها الآن. فالعودة الى الخليل اليوم، كما تقول، هي «محاولة لتصحيح المسار الذي بدأ يتخذه الشعر العربي والذي شابته الكثير من الفوضى. وقد أثار حفيظتي كتاب قرأته أخيرا بعنوان «موت الخليل»، والخليل برأيي ورأي العديدين ممن يشتغلون على اللغة والأدب لم يمت لأن انتاجه الفكري والعلمي ما زال حاضرا الى الآن ولم تتم الاحاطة بكل جوانبه».

وكانت أغلب المداخلات التي قدمت خلال هذا اللقاء قد حاولت طرح العديد من القضايا المتعلقة باللغة الشعرية عند الخليل ومعجمه ودوره في تفسير القرآن الكريم ونظرية الزحافات والعلل أو ما يعرف بعلم العروض ومدى استفادة الخليل من الاشعاع الفارسي والهندي انطلاقا من الدرس المقارن كما فعل الناقد السوري يوسف بكار، والباحث المغربي محمد المدلاوي من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الذي حاضر عن «بنية الأبحر الأمازيغية على ضوء العروض الخليلي».

أما الدكتور برونو باولي من جامعة بوردو بفرنسا، فكان بعنوان «النظرية والواقع: ما وراء الدوائر»، واعتبر فيه أن العروض مجرد نظرية يجب اعادة الاشتغال عليها واختبارها على أرض الواقع عوض اعادة تركيب العروض. وأثيرت في المناقشة عدة قضايا تتعلق بعلم العروض، ونشأة علوم اللغة العربية. وطرحت أسئلة أخرى تتعلق بالزحافات والعلل.

وخرج المشاركون بمجموعة من التوصيات التي تهم اللغة العربية والقول الشعري بالأساس وعلى رأسها الدعوة الى ضرورة تأليف معجم عربي موسوعي يجمع اللغة العربية قديمها وحديثها مع مراعاة المستجدات العلمية والتقنية والثقافية التي واجهت اللغة العربية، ونشر الثقافة الشعرية الموسيقية بعقد منتديات تدريسية وتنافسية توقظ حاسة التلقي الشعري السليم وسليقة نظم الشعر لدى الصغار والناشئين في مختلف البلدان العربية والاسلامية التي أفاد درسها الشعري من جهود الخليل، وجعل المنطلقات العلمية الجبارة التي بذلها العلماء الأسلاف منطلقا لتفعيل جديد لثقافتنا المعاصرة من خلال قراءة متأملة لبناء محطة في المسار المعرفي مكملة جهد البدايات.

وشارك في هذه التظاهرة الأدبية حول «اللغة والشعر» مجموعة من النقاد والباحثين العرب هم: محمد خاقاني ومحمود أنوار من ايران، يوسف بكار من الأردن، سعيد بن محمد الهاشمي من عمان، برونو باولي من فرنسا، ومن المغرب كل من: محمد بنشريفة وعباس الجراري وعبد الهادي التازي ومحمد المدلاوي ومحمد العلمي وادريس بلمليح ومحمد الدناي وبوشعيب راغين ومحمد القاسمي وعبد القادر كنكاي وعلي الغزيوي وأحمد العلوي العبدلاوي من المغرب.

ومن الشعراء العرب والمغاربة الذين شاركوا في القراءات الشعرية التي نظمت بالموازاة مع الندوة : عبد العزيز محيي الدين خوجة وعبد الله العثيمين وناصر بن مسفر الزهراني ووهيب شمس الدين من السعودية، وعبد العزيز البابطين من الكويت، وهارون هاشم الرشيد وعائشة الخواجا الرازم وواصف أبو منصور من فلسطين، وعبد الولي الشميري من اليمن، وعبد الله الحارثي وسالم بن علي الكلباني وأحمد بن هلال العبري من سلطنة عمان، ومحمد علي الرباوي وحسن الأمراني وعبد الكريم الوزاني ولويزا بولبرس وأمينة المزيني ومحد التازي سعود ولطيفة لزرق وعبد السلام بوحجر من المغرب0