shimery.com
New Page 1
 
shimery.com



سفارة اليمن بمصر


أخبــــــــــار

تفاصيل الخبر
قضية للحوار .. شروخ في جدار الوطن  2/10/2012 


قضية للحوار .. شروخ في جدار الوطن (3) بقلم/ د. عبد الولي الشميري

الثلاثاء 02 أكتوبر- 2012
الفيدرالية والوحدة
كم أشعر بالسعادة وأزهو بالأمل في مستقبل يمني واعدِ برأب كل صدع، وردم كل شرخ في جدار الوطن، واليوم أرى أن الثورة السلمية بدأت تؤتي ثمارها، برد الاعتبار لليمن على المستوى الدولي والعربي؛ من خلال حفاوة المانحين، واهتمامهم بعودة الأمن والاستقرار، ومد يد التبني لإنقاذ خزينة اليمن الفارغة، والتي أنهكتها تكاليف الحشود والبلطجة والاستعراضات بالجماهير الجائعة، لإفشال الثورة التي نجحت في التغيير ولو جزئياً، وستمضي بالتأكيد لتحقيق كامل أهدافها.
صحيح أن الأوجاع والآلام على شهداء الثورة وجرحاها شديدة، خاصة وأن عدد شهداء الثورة السلمية فاق عدد من قتلهم الإمام أحمد حميد الدين طوال فترة حكمه، سواء بعد اغتيال والده الإمام يحيى أو من صلبهم؛ بسبب الثورات التي قامت مرتين لإسقاط حكمه خلال خمسينيات القرن الماضي، ولم تنجح، والأشد ألماً أن عدد شهداء الثورة السلمية من أجل التغيير تجاوز شهداء ثورة 14 أكتوبر لتحرير جنوب اليمن من الاستعمار البريطاني.
وقد استوقفني كثرة المؤيدين لما جاء في دعوتي للعودة للمصالحة والحب في رحاب الأخوة، كما أصبحت متوقعاً غير بعيد صدور قرار جمهوري باعتماد عيد وطني رابع لليمن، في ذكرى انطلاقة الثورة السلمية من أجل الحرية، والانتقال باليمن لدور ديموقراطية تأتي بالحاكم، لا بحاكم يصنع ديموقراطية.
وزادني ثقة أن سلسلة مقالاتي التي تصب في مسار الدعوة للنقاش الودي والتصالح بين كافة أطياف المجتمع والتصالح والتسامح كانت عين الصواب؛ ذلك لما رأيت براكين الغضب التي اجتاحت صفحات المستأجرين للشتائم والسباب، دفاعاً عن نظام القذافي وصالح الراحلين، فتيقنت أنها أصابتهم - ومن بقي وراءهم - في مقتل، واليوم أدعوهم لقراءة التأريخ إن كانوا يقرأون بعد أن حرموا من دروسه في الماضي، أن يقرأوا عِبر التأريخ ففيه كل العبر. ليس بإنسان ولا عاقل من لا يعي التأريخ في صدره ومن درى أخبار من قد مضى أضاف أعماراً إلى عمره أما الشرخ الثاني وهو الأعمق الذي يتخوف منه الجميع مسألة الخوف على الوحدة اليمنية، الذي حاول النظام السابق أن يحافظ على بقائها بوسيلة واحدة، ولهدف واحد؛ فأما الوسيلة فهي القمع والحرب وقصف الدبابات والمدافع والطيران والمعتقلات, وأما الهدف الواحد أن تبقى الوحدة التي ينشد استمرارها تحت حكمه فقط، حتى فشل في الوسيلة وفشل في الهدف، فلا أسكت صوت الحراك الجنوبي بقمعه، ولا استطاع أن يبقى حاكماً على اليمن الموحد؛ لأن الخطأ في الغاية والوسيلة يحبط العمل.
وقضية القضايا اليوم هي مطالبة الحراك الجنوبي سواء المسلح أو السلمي بالسير نحو الانفصال، مع تباين واختلافات نسبية بين الأطراف. وقد لاحظنا الحرص الإقليمي والدولي على بقاء اليمن موحداً في ظل حكم يتسم بالعدالة، والحرية، والأمن الشامل، ولاحظنا كبار عقلاء الجنوب مايزالون يرون أن الطريق نحو الانفصال بدأ يتعقد بسبب سقوط الحجة أن الرجل الشمالي الذي صنع الاستبداد والظلم باسم الوحدة لم يعد حاكماً، ولأن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة حالياً هما رموز السيادة والإدارة في اليمن الموحد قد أصبحا جنوبييَن، مع تولي حقائب وزارية مهمة، وعديدة، وإدارات سيادية بالغة الأهمية لأبناء الجنوب، ومن لم ينل بعد حظه فمرحباً به، ومن حقه أن يتولى أعلى وأهم المناصب دون اعتراض من أي شمالي كان.
وبهذا فقد سقطت مقولة الضم والإلحاق، وشعر العقلاء في شمال اليمن بالسعادة لذلك، وأنا أكثر سعادة بذلك، ليثق إخوتنا في الجنوب أن إخوانهم في الشمال يحبونهم بل ويثقون في إدارتهم وقدراتهم لقيادة دولة، وأن الحاكم الذي قمعهم وقهرهم قد رحل، وما كان يمثل الشمال ولكنه يمثل نفسه وأسرته فقط، ولم يكن إخوتهم في الشمال سعداء بما عاناه اليمن الموحد من سوء إدارته، وأن جميع من عملوا في نظامه كانوا موظفين في أجهزة الدولة، وأنا واحد منهم وليسوا شركاء له فيما فعل بإخوانهم أبناء الجنوب ولا أبناء الشمال.
ولذلك كان الشماليون هم الأشد ثورة ونقمة وإصراراً لرحيل النظام السابق الذي عبّر عنه الرئيس الأمريكي أوباما على منبر الأمم المتحدة بـ(الفاسد)، ومن هنا يأتي دور العقلاء في الجنوب وفي الشمال، ولا أحسب الطامعين في تقلد المناصب والحريصين عليها من أبناء الشمال اليوم من العقلاء؛ فقد جاء دور التجرد من أجل اليمن، وعودة الأمن والمحبة والسلام، والحفاظ على كيان اليمن الموحد.
ولإخوتنا في الجنوب قناعتهم إن كانوا يرون أن حكم الفرد الشمالي السابق عشرين سنة على الجنوب كان محسوباً على إخوتهم في الشمال، فلهم أن يشترطوا في الحوار أن يتضمن الدستور الجديد عودة هذا المنصب لمدة عشرين سنة كاملة لأبناء الجنوب، دون منافس من الشماليين، ثم بعدها التداول الديموقراطي العادل، وليتقلدوا ما شاؤوا من المناصب، وليعود الذين حرموا في ظل النظام السابق، وطردوا وطوردوا من وطنهم ليتولوا أرفع المناصب وأعلى المراتب للحكم في دولة اليمن الواحد، ولن يجد إخوانهم في الشمال غضاضة من ذلك، طالما هناك حياة سياسية قانونية ووحدة أخوية عادلة لها ثقلها وامتدادها في الشمال والجنوب، وليبقى اليمن دولة واحدة، تحت سيادة واحدة، وتديره سلطات محلية بكامل الصلاحيات، وعلى الجميع في الشمال والجنوب أن يدركوا أن التمزق لن يكون قوة، وحتى لا تتكرر مآسي الماضي بين الأجنحة، والزعامات، وبين الدولتين في الشطرين، كما حدثت من حروب شطرية، باسم إعادة تحقيق الوحدة اليمنية. ولا أستبعد لو حدث انفصال - لا سمح الله - أن تعاني الأجبال القادمة من عودة نفس الحروب بين الشطرين، ليعيدوا تحقيق الوحدة من جديد بعد أن يسجلوا عن جيلنا الحاضر أسوأ حكاية في تأريخ اليمن، فالتاريخ لن يستطيع أحد طمسه أو تغييره، سواء كان فرداً أو ثورة أو حزباً أو جيلاً، فاليمن هو اليمن. ولا يحسن بي في هذا المقام أن أسمي الأيام الدامية في السنوات الماضية، في كل من صنعاء وعدن خلال صراع النفوذ القبلي، والفكري والتنافس على السلطة، في أزهى عصور الثورتين «سبتمبر وأكتوبر».
أما الحل الآخر الممكن والذي لا ضرر منه أيضاً ومعقول وممكن أن يضمن الحرية الكاملة للجنوب وللشمال، ويحافظ على سيادة اليمن كدولة فيدرالية على غرار معظم دول العالم المتحضر، هو النظر بتمعن ووعي للاتفاق على نظام فيدرالي، ينظمه الدستور الجديد. أما لو جئنا لموضوع الفيدرالية التي تثير المخاوف، والقلق لدى الأغلبية، فهي فدرلة اليمن إلى إقليمين؛ شمال وجنوب.
وفي ظل هذه الأجواء المشحونة بالتوترات الشطرية، والمدعومة من قوى ذات مراكز مالية داخل وخارج اليمن فإن ذلك يعني العودة إلى الشطرين، وسيبقى اسم الفيدرالية شماعة يتحارب الشطران باسمها، كما كانت (الوحدة) قبل مايو 1990، فضلاً عن احتمالات شبه أكيدة أن تتناحر قبائل وطوائف وزعامات كل إقليم فيما بينها داخلياً على مستوى الإقليم الواحد، خاصة وأن اليمن اليوم شمالاً وجنوباً يغص بأكثر من تيار، وبعضها مقاتلة وفي أكثر من منطقة؛ لأن القبضة الحديدية التي كان النظام الاشتراكي يفرضها في السابق قد فقدت، ولن يكون استخدام تلك القبضة الحديدية اليوم ممكناً، لا في الشمال ولا في الجنوب، في ظل رقابة دولية وحرية النشر والألكترون، وحقوق الإنسان.
وليست الدعوة فيما أرى إلى فيدرالية إقليمين كما كانا إلا دعوة لأن تتمزق الجنوب إلى شرق وإلى غرب كما لاحظنا في كلمة السلطان (الكثيري) في مؤتمر القاهرة الذي طالب بحرية سلطنته القديمه حضرموت والمهرة من الاحتلال الجنوبي عام 1968م بعد تحرير الجنوب، وطالب بالتحرر أيضاً من احتلال الشمال الوحدة بعد 1990م؛ ففي كلمته وضوح الهدف، وله من يؤيده ويقف وراءه، ويرون أن حضرموت والمهرة شعب لا علاقة له بالجنوب، ولا بالشمال، وبالتالي سيبدأ نضال حضرمي أمهري، ويأخذ مداه، ولا أظن قمعه بالقوة سيكون ممكناً، وكم فتنة ستنشأ وستجدد أوجاع الماضي في كل قبائل ومحافظات الجنوب؟.
وكذلك أو أشد من ذلك سيكون الحال في إقليم الشمال؛ فلن يقبل سكان غرب اليمن الذين جربوا (التثوير الشعبي) وحيث الكتلة البشرية العظمى من إقليم الشمال مثل محافظات: تعز والحديدة وإب، لا أظنها ستستكين للعودة كما كانت قبل الوحدة ضمن إقليم الشمال في نظام مركزي، أما شمال الشمال فالواقع يؤكد أنها تتمتع الآن بشبه حكم ذاتي، فكيف ستقبل العودة إلى غير ذلك؟ وهناك ستقوم الحروب ولن ينتصر فيها طرف، إلا الخراب والتمزق.
وقد تنشأ دون شك حركة فدرلة أخرى للشمال إلى أكثر من إقليمين.
ومن هنا فإن من العقل والحكمة أن يقبل أبناء اليمن بفيدرالية صحيحة، وبديل يضمن لليمن السلامة، والسيادة، والوحدة، ويضمن لكل إقليم حق إدارته من أبنائه دون تدخل من أي إقليم آخر، وانتخاب وزارته الفيدرالية البديلة، ولابد أن تؤخذ هذه الفيدرالية بنوايا حسنة، ودون تشاؤم، ولا أطماع.
والموضوع هنا رأي مطروح للنقاش؛ وضع خارطة فيدرالية إدراية، تعمق الحب، والثقة، وتعتمد حماية دستورية، وسيادة وطنية واحدة، وتتسع لكل أبناء الوطن، وتتيح للجميع التنافس في إدارة وخدمة أقاليمهم دون هيمنة أو وصاية من مركزية الدولة، وصياغة دستور مستنير منفتح، يكفل حقوق الجميع. ولن تكون هناك مخاوف ولا إشكالية في الموارد المالية والإدارية، ولن يختلف وضع اليمن عن فيدرالية الغرب، والاستفادة من النظام المالي لأية دولة فيدرالية ناجحة يختارها المتحاورون. وبالتالي لابد من خارطة سياسية فيدرالية تعتمد الجغرافية الجهوية للأقاليم، وهنا لن يحتار أحد في تحديد جغرافية كل إقليم، حينئذ طالما وهي جهات. ولنفترض خمسة أقاليم إدارية فيدرالية تحت سيادة اليمن الموحد: أولاً: إقليم شرق اليمن، وثانياً: إقليم غرب اليمن، وثالثاً: إقليم وسط اليمن، ورابعاً: إقليم شمال اليمن، وخامساً: إقليم جنوب اليمن.
كما يجب أن يتمتع كل إقليم بخصائصه الاجتماعية والقبلية، والثقافية، والمذهبية، التي تميزه وتقدم له وسائل التسوية والعدل في المطارات الجوية وحرية النقل الجوي والموانئ البحرية، وحرية التجارة والصناعة، والتصدير والاستيراد من خلال الموانئ البحرية الخاصة بالإقليم مباشرة، ووفق قوانينه الخاصة به.
ومن يتأمل خارطة اليمن طالما اتفقنا أنها فيدرالية جهوية: شرق، غرب، شمال، جنوب، وسط فسيجد أن: أولاً: إقليم الشرق، الأكبر مساحة والأقل سكاناً، وليكن مثلاً محافظتي: المهرة وحضرموت، لا يمكن أن يفضي التخوف من اعتبارات أي أطماع قد تهدد سلامة هذا الإقليم لغرض احتلاله طالما هو تحت سيادة الدولة الفيدرالية وحماية جيشها كما هو عليه الآن، ويمكن لأهل الإقليم أن ينعموا بإدارة إقليمهم، وينظموا شؤون سلطتهم وأمنهم وخدمتهم من خلال حكومة محلية يختارونها من أبناء الإقليم، وكذلك كل أقاليم اليمن الفيدرالي.
ثانياً: إقليم غرب اليمن، وليكن محافظة الحديدة وريمة ووصابين وغربي محافظة صنعاء، بعد ضم ضواحي صنعاء لأمانة العاصمة، وضم جزء القبائل الشرقية منها لإقليم الوسط، وفي هذا الإقليم كل المقومات الأساسية متوفرة من موانئ ومطارات. ثالثاً: إقليم شمال اليمن، وليكن محافظات: عمران والمحويت وصعدة والجوف وحجة، وله منفذ بحري ومطارات، يجب أن تطور وأن تستحدث أخرى، ويقام الميناء على منفذها البحري من محافظة حجة. رابعاً: إقليم الجنوب، ويمثل محافظات: عدن ولحج والضالع وتعز وإب، وفي هذا الإقليم الجنوبي موانئ ومطارات، ولتكن عاصمة هذا الإقليم عدن. والإقليم الخامس: هو إقليم الوسط، المكون من محافظات: شبوة، وأبين، ومأرب، والبيضاء، وذمار، بعد ضم وصابين من ذمار لإقليم الغرب، ويجب أن تستكمل لهذا الإقليم ما يجب له من المطارات والموانئ؛ كونه يطل على مساحات شاسعة من شاطئ البحر العربي، وله مطارات يجب أن تطور ويضاف لها. وكل محافظة من محافظات كل إقليم تتولى رئاسة الإقليم لدورة رئاسية، مهما كان عدد سكانها، حتى لا تستأثر الكثافة السكانية لأية محافظة بدوام السلطة وفق نصوص دستورية، وكل إقليم يجب أن يتولى رئاسة الدولة الفيدرالية دورة رئاسية بالتداول، حسب الترتيب الهجائي لأسماء الجهات. ومن هنا لن تبقى مخاوف على الوحدة، ولا مخاوف من الظلم والتسلط والاستبداد.
ولابد من تفكير جريئ، ومشاركة بعد تأمل، فهي رؤية مطروحة للنقاش، لا أكثر، فإن كانت في رأي الأغلبية تستحق الحوار والنقاش فهي من أجل اليمن، وإن كانت غير ذلك فهي أيضاً من أجل اليمن.. وقد يكون رأيي صواباً لكنه يحتمل الخطأ، وقد يكون خطأ لكنه يحتمل الصواب.
وللناس فيما يعشقون مذاهب.

 

 
  رجوع 
shimery.com
مقالات | ألبوم الصور | مؤتمرات | لقاءات صحفية | نشاط ثقافي
لمراسلة موقع السفير راسلنا علي
info@shemiry.com